الكثيرون ممّن يحالفهم حظّ النّجاة من أي عرضٍ مأساويِّ تنتقل بهم مشاهد هذا الحدث لتستقرّ في ذواتهم على شكلِ إحساسٍ بالّذنب لأنّهم نجوا بينما لقي الكثير ممّن سواهم اعراض الإصابة أو الموت. هذا الإحساس بالذّنب ما هُو إلّا عقدة نفسيّة لا واعية اسمُها "عقدة ذنب النّاجي".
ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى بعد ملاحظة هذه العقدة لدى النّاجين من الهولوكوست من قبل الأطبّاء النّفسيين، وحقق شهرته تلك في فترة النّصف الثاني من القرن العشرين.
في هذا المقال سنتعرف على"عقدة ذنب الناجي"،ثم سننتقل إلى الأسباب والأعراض والعلاج. ولابد أن نعلم كيف تتكون العقد النفسية بشكل عام فلنبدأ بها:
كيف تتكون العقد النفسية؟
في البداية لابد ان نعرف كيف تتكون العقد النفسية ، فالعُقدة النّفسية
هي مجموعةٌ من المشاعر والأفكار اللاواعية الثابتة والمترابطة تنشأ من الكبت
والتراكم والضغط النفسيّ الشديد. تظهر هذه العقد بصفاتٍ جسدية ونفسية عند صاحبها
وتُسبّب اضطرابات شديدة في شخصيّته.
هذا المصطلح أتت به المدرسة التحليلية بدايةً حين
تحدثت عن عقدة النقص، وقصدت منها وصف او تسمية حالةٍ من التفاعل السلبي لدى بعض
الأشخاص في مواقف تتطلب منهم عكس ذلك تمامًا من إيجابية. كمُفتقد عنصرٍ حياتيٍّ
أساسيِّ ما،نفسيٍّ كان أو جسدي أو اجتماعي... فيجعل دائمًا اللوم على نفسه وعلى
الآخرين الذين حوله من دون مبرر، ويكون إسقاطيًّا وسلبيًا دائمًا، ويمكن أن يغار
أيضًا مِمَّن يملك هذا العنصر الذي يفتقده هو، وينتقده ويحسده ويتحسس من أي شيءٍ
له علاقةٌ به...
تطوّر مفهوم عقدة
النقض هذا من قِبَل البعض في ما بعد لتصبح " العرضة أو العقدة النّفسيّة
".
تعريف عقدة ذنب النّاجي
يشعر الناجون بالذنب لأنهم نجوا من هذه الكوارث، ولأن معاناتهم وألمهم كان أقل من معاناة وآلام الآخرين، وهنا يظهر عرض عقدة الناجي عندهم.
يكون الشعور بالذنب أحيانًا منطقيًّا لدى بعض هؤلاء الأشخاص لأنهم قد يكونون السبب بحادثٍ أدى إلى أذيّةٍ أحدٍ آخر أو حتى وفاته بينما هم لم يصبهم مكروهٌ قد يُذكر أمام هولِ ما أصاب غيرهم.
الأسباب والعوارض
تجدر الإشارة بأن
عقدة النّاجي لا يشعر بها الجميع، ولكنها شائعةٌ جدًّا، وتُضطرُّ أحيانًا للتدخّل
العلاجي. ينسب الأشخاص المُصابون سبب ما جرى إلى ذاتهم، وأنهم هم السبب في ما حدث
وليست العوامل والقوى الخارجية.
عدم الثقة بالنفس او عدم تقدير الذات: فمن لا يملكون ملكة تقدير الذات قد يشعرون بالذنب لأنهم يجدون أنهم لا يستحقون النجاة من الكارثة الواقعة بينما الآخرون الذين يستحقون-على حسب ما يظنون- قد هلكوا.
صدمة الطفولة: الأشخاص الذين يتعرّضون لصدماتٍ نفسيّةٍ في مرحلة الطفولة تحديدًا، تكون شخصياتهم أكثر هشاشةً وحساسيّةً ويكونون قابلين للمشاكل النّفسيّة العصيبة في المستقبل أكثر من غيرهم.
التعرض لاكتئابٍ سابقًا: قد يكون الأشخاص المصابون بالاكتئاب بالفعل أو الذين عانوا منه في الماضي أكثر عرضة للشعور بالذنب والقلق بعد الصدمة.
نقصٌ بالدعم: قد يكون الأشخاص الذين ليس لديهم شبكة قوية من الدعم الاجتماعي أكثر عرضة لتجربة الأعراض المتعلقة بذنب الناجي.
وغيرها من الأسباب الأخرى التي تعني هشاشة النّفس وضعفها.
أما العوارض فهي تتنوّع بين جسدية ونفسيّة، فمن الأعراض الجسديّة الشائعة لدى مُصابي عُقدة ذنب الناجي:
آلام المعدة
صعوبة في النوم
أرق
ضربات قلب متسارعة
تشنّج وتنميل
كوابيس متكررة
التفكير بالانتحار
الشعور الضعف والعجز
إقناع صاحب العقدة نفسه بأنه هو السبب
بعض المصابين بعقدة ذنب الناجي يتناسون كل الاسباب الخارجية التي سببت وقوع
الحادثة، ويصيرون يلقون اللوم على أنفسهم، مقنعين أنفسهم بأنهم هم السبب وراء ما
جرى على أحبابهم الذين تأذوا..
يفكّر هؤلاء الاشخاص بسبل وطرق كانت من الممكن أن تحول دون حدوث ما جرى،
والتي كانت ستحميهم وتحمي غيرهم من النتيجة مُقتنعين أنهم يستطيعون تغيير ما حدث.
علاج عقدة ذنب الناجي
إن هذه الحالة من العقد النفسية هي واحدة من كُثر، وهي كغيرها
يمكن علاجها وحلّها، ومن السّبُل إلى ذلك:
تقدير الذات: عليك التأكد من أن لنفسك عليكَ حق، وأن اهتمامك بنفسك ليس اقلّ اهميّةً من اهتمامك بالآخرين، فأنت مسؤول عن صحتك النفسية، وعلى من حولك تفهّهم أن يعتمدوا على انفسهم أيضًا دون اللجوء إليك وإلقاء الجهد والمسؤوليات عليك في معالجة كل شيء.
اشغل نفسك بهواياتك المفضّلة ومارس بعض الرياضات وشارك في انشطة اجتماعية وانسانية مختلفة
تحدّث مع احدهم عمّا يزعجك ويحبطك، سيجعلك هذا تشعر بتحسّن غير متوقّع في الكثير من الاحيان.
نتمنى أن تكون هذه المقالة قد اوصلت الفائدة التي نرتجيها، واكتسبتم مزيدا من المعرفة.
نصيحة
زهراء محمد مهدي- محمد القصير
إقرأ أيضًا:
الموضوع مهم جدا و جميل وغريب و يقوم على توعية الكثير ، اتمنى لكم التوفيق و استمروا
ردحذفشكرا جزيلا. انا شخصيا احب علم النفس.
ردحذف